الموقع

سبها، ليبيا

الهاتف

21621212140+


السيد عبد الرحيم فرج

تواجه إفريقيا مفارقة الوفرة؛ فهي قارة غنية بالموارد الطبيعية، ومع ذلك تعاني من الجوع وسوء التغذية على نطاق واسع. على الرغم من عقود من المساعدات الدولية، لا يزال الجوع قائماً، حيث يواجه أكثر من 280 مليون شخص في إفريقيا انعدام الأمن الغذائي سنويًا، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو). ويؤثر سوء التغذية على ما يقرب من 45% من الأطفال دون سن الخامسة في إفريقيا جنوب الصحراء، مما يؤدي إلى تأخر النمو وضعف الإنتاجية الاقتصادية واستمرار دورات الفقر عبر الأجيال.

من الواضح أن المساعدات، رغم أهميتها في الأزمات، ليست مستدامة أو قادرة على إحداث تغيير جذري. بدلاً من ذلك، تظهر التجارة، التي تمثل تبادل السلع والخدمات ورؤوس الأموال، كأداة فعالة وغير مستغلة بشكل كافٍ لمعالجة تحديات التغذية في إفريقيا. يستعرض هذا المقال الدور الهيكلي الذي يمكن أن تلعبه التجارة في حل مشكلة الجوع، مع الإشارة بشكل معتدل إلى المساهمات اللوجستية لشركات مثل مجموعة FA التي تسهم في إيصال الإمدادات الغذائية الأساسية عبر القارة.

بالتجارة لا بالمساعدات : التجارة كحافز لتحقيق الأمن الغذائي في إفريقيا: تجاوز مفهوم المساعدات

تحدي الجوع المستمر في إفريقيا

تتعدد أسباب أزمة الجوع في إفريقيا. فمن ناحية، تمنع الفقر الأسر من شراء ما يكفي من الطعام. ومن ناحية أخرى، تعيق عدم كفاءة سلاسل التوريد توزيع الغذاء، مما يترك المناطق النائية محرومة. ويزيد تغير المناخ من تعقيد المشكلة، حيث يعطل الإنتاج الغذائي المحلي من خلال الجفاف والفيضانات والتغيرات في الظروف الزراعية. وفي مناطق مثل الساحل وشرق إفريقيا، تضيف الاضطرابات السياسية طبقة أخرى من التعقيد، مما يجعل توصيل الغذاء تحديًا لوجستيًا كبيرًا.

الأرقام التالية ترسم صورة قاتمة:

يعاني 36% من سكان إفريقيا من انعدام الأمن الغذائي بدرجة متوسطة أو شديدة.

يتم إنتاج أكثر من 90% من الغذاء في إفريقيا جنوب الصحراء بواسطة المزارعين الصغار، لكنهم يفتقرون إلى الوصول إلى الأسواق والأدوات والبنية التحتية لتوسيع عملياتهم.

تخسر إفريقيا أكثر من 4 مليارات دولار سنويًا بسبب الخسائر بعد الحصاد الناتجة عن سوء التخزين والتوزيع.


على الرغم من أهمية المساعدات الدولية في حالات الطوارئ، إلا أنها غالبًا ما تفشل في معالجة هذه التحديات الهيكلية. علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي الاعتماد المفرط على المساعدات إلى خلق اعتماد سلبي، مما يضعف الأسواق الزراعية المحلية ويعيق التنمية الاقتصادية.

 

لماذا التجارة هي العنصر المفقود؟
  1. توفر التجارة مسارًا للخروج من فخ الجوع من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وتمكين المنتجين المحليين، وتيسير حركة البضائع بكفاءة. وعلى عكس المساعدات التي قد تشوه الأسواق في بعض الأحيان، تدمج التجارة الاقتصادات المحلية في شبكات إقليمية وعالمية، مما يسمح لها بالازدهار.

 

  1. 1. التمكين الاقتصادي: تتيح التجارة للمزارعين الوصول إلى أسواق أوسع، مما يضمن حصولهم على أسعار عادلة لمنتجاتهم. يعزز ذلك الاستثمار في البذور والتقنيات والممارسات الأفضل، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة الإنتاج الغذائي المحلي.

 


  1. 2. مرونة سلاسل التوريد: من خلال تطوير شبكات تجارية قوية، يمكن لإفريقيا تخفيف تأثير الصدمات مثل الكوارث المناخية أو الأزمات السياسية. تضمن التجارة انتقال الغذاء بكفاءة من مناطق الفائض إلى مناطق العجز.

 


  1. 3. تنوع التغذية: تسهل التجارة استيراد الأطعمة الضرورية غذائيًا، مثل الحبوب المدعمة والسكر الأبيض والأرز، والتي قد لا تكون متوفرة محليًا ولكنها ضرورية لنظام غذائي متوازن.

 


  1. 4. تعبئة القطاع الخاص: تحفز التجارة مشاركة القطاع الخاص، مما يمكن الشركات من الاستثمار في النقل والتخزين ومعالجة الأغذية، مما يقلل الهدر ويحسن توافر الغذاء.

 

  1.  

    دور الخدمات اللوجستية في التجارة والتغذية

     

    يعتمد نجاح التجارة بشكل كبير على الكفاءة اللوجستية. وهنا تبرز أهمية شركات مثل مجموعة FA، وإن كانت ليست الوحيدة. في جميع أنحاء إفريقيا، تتغلب الشركات اللوجستية على تحديات هائلة، مثل ضعف البنية التحتية للطرق والتأخيرات على الحدود والمخاطر الأمنية، لتوصيل الغذاء إلى المناطق المحرومة.

    على سبيل المثال:

    تقوم مجموعة FA بشحن أكثر من 600,000 طن من الأغذية سنويًا، وخاصة المواد الأساسية مثل السكر الأبيض والأرز، إلى عمق القارة الإفريقية.

    تقطع أسطولها أكثر من 12 مليون كيلومتر سنويًا، متجاوزة التضاريس الصعبة للوصول إلى المناطق التي غالبًا ما تتجاهلها شبكات الإمداد التقليدية.

    تساهم جهودها في توفير التغذية لأكثر من 24 مليون شخص، مما يثبت كيف يمكن للابتكارات اللوجستية في القطاع الخاص أن تكمل شبكات التجارة الأوسع.


    ومع ذلك، فإن مجموعة FA ليست سوى جزء من صورة أكبر. في جميع أنحاء القارة، يبتكر رواد الأعمال المحليون والشركات متعددة الجنسيات طرقًا لتحسين توزيع الأغذية. لكي تحقق التجارة إمكاناتها الكاملة، يجب توسيع هذه الجهود ودمجها في الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية.

     

    بناء البنية التحتية للتجارة القائمة على التغذية
    1. لتكون التجارة وسيلة مستدامة لمعالجة الجوع، يجب على الحكومات وأصحاب المصلحة معالجة العوائق الهيكلية. ويتطلب ذلك استثمارات في البنية التحتية، وإصلاح السياسات، وبناء القدرات.

     

    1. 1. تطوير البنية التحتية: تعيق الطرق السيئة وشبكات السكك الحديدية المحدودة والمرافق التخزينية غير الكافية التجارة. وفقًا للبنك الأفريقي للتنمية، تحتاج إفريقيا إلى استثمار سنوي يتراوح بين 130 و170 مليار دولار لتلبية أهدافها التنموية.

     


    1. 2. التكامل الإقليمي: لا تزال التجارة داخل إفريقيا منخفضة بشكل صادم، حيث تمثل التجارة البينية الأفريقية 16% فقط من صادرات القارة. يوفر “اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية” فرصة لزيادة التجارة الإقليمية وتوزيع الأغذية.

     


    1. 3. تقليل الحواجز الجمركية: تثبط الرسوم الجمركية العالية على واردات الأغذية التجارة، مما يجعل السلع الأساسية أكثر تكلفة بالنسبة للمستهلكين. يمكن أن تؤدي إصلاحات السياسة إلى تحسين الوصول إلى التغذية.

     


    1. 4. تبني التكنولوجيا: يمكن للمنصات الرقمية والحلول المحمولة أن تربط المزارعين بالمشترين، وتحسن سلاسل التوريد، وتقلل الهدر. يمكن للاستثمار في تقنيات مثل سلسلة الكتل (Blockchain) للشفافية والذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالطلب أن يحدث ثورة في تجارة الأغذية.

     

    1. 5. الزراعة الذكية مناخيًا: تشجيع الممارسات الزراعية المستدامة والاستثمار في المحاصيل المقاومة للجفاف يمكن أن يزيد الإنتاج الغذائي المحلي، مما يقلل من الاعتماد على الواردات.

     

     

    نهج تعاوني للمضي قدمًا

     

    التجارة وحدها لا يمكنها حل أزمة الجوع في إفريقيا. يتطلب ذلك تعاونًا بين الحكومات والشركات الخاصة والمنظمات الدولية. يجب أن تركز السياسات العامة على تسهيل التجارة، في حين تتولى الجهات الفاعلة في القطاع الخاص سد الفجوات اللوجستية. وينبغي للجهات المانحة والمنظمات الدولية، بدلاً من التركيز فقط على المساعدات، دعم مشاريع البنية التحتية وبناء القدرات التي تعزز التجارة.

    علاوة على ذلك، يجب أن تكون أصوات المزارعين والتجار والمجتمعات الأفريقية هي المرشد لهذه الجهود. يضمن تمكين أصحاب المصلحة المحليين أن تكون الحلول مناسبة للسياق ومستدامة.

     

    خاتمة

    مشكلة الجوع في إفريقيا ليست حتمية، بل هي تحدٍ لوجستي وسياسي واقتصادي. من خلال تحويل السرد من المساعدات إلى التجارة، يمكن للقارة أن تفتح إمكاناتها الهائلة، مما يضمن أن شعوبها لا يقتصر دورهم على البقاء فقط بل الازدهار. تسلط مزودي الخدمات اللوجستية، مثل مجموعة FA، الضوء على دور الابتكار في القطاع الخاص في سد الفجوات، ولكن الحل يكمن في التغيير الهيكلي.

    مع الاستثمارات الصحيحة في شبكات التجارة والبنية التحتية والتكنولوجيا، يمكن لإفريقيا أن تتجاوز دورة الاعتماد نحو مستقبل يكون فيه الأمن الغذائي حقيقة واقعة للجميع. الجوع ليس مجرد قضية إنسانية، بل هو فرصة اقتصادية تنتظر استثمارها، شحنة واحدة، سوق واحدة، ومجتمع واحد في كل مرة.

مشاركة على:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

بسط شحناتك بفضل حلول الشحن والخدمات اللوجستية لدينا.